حكم لمس المرأة أثناء الرقية

🔹هذه المسألة من المسائل المهمة 

للغاية والتي ينبغي البحث فيها ومناقشتها بإستفاضة ، وتسليط الضوء عليها من منظور شرعي وعلمي وواقعي ، والخروج منها بموقف موحد يكون منهجاً عملياً ، لجميع الرقاة المتجردين والمتقيدين بالضوابط الشرعية.   

✳️ولذلك أقول مستعيناً بالله

🔹إن من المعلوم من الدين بالضرورة أن لمس المرأة الأجنبية محرم سواءً كان بصورةٍ مباشرة أو من وراء حائل ،  فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له  ) .

وقد حسنّه جمع من أهل العلم منهم العلامة الألباني ـ رحمه الله.

▫️وفي الحديث دلالة صريحة على تحريم لمسّ المرأة بالمطلق ، وهو يشمل المسّ بشهوة وبغير شهوة ، قال المناوي : وإذا كان هذا في مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة فما بالك بما فوقه. 

▫️ لذلك ينبغي أن يتصف الراقي بتقوى الله ومراعاة المحاظير الشرعية ، وليحذر من خطوات الشيطان وأستدراجه وكيده للإيقاعه في الفتن ، ومن ذلك الإفتتان بالنساء و بكل سبيل . 

▫️قال الشيخ  محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :  إن الشيطان يتسلط على الراقي بالوساوس والخطرات ، ويأتيه من أبواب لم تخطر له على بال ، وقد يأتيه من باب يظن أنه باب خير ، وإذا به باب فتنة عليه في دينه ودنياه " .

" شرح زاد المستقنع " (243/ 7) بترقيم الشاملة .

▫️وينبغي أن تكون الرقية خالية من المنهيات والمحرمات ، كالنظر إلى العورات حال الرقيةوكاللمس الذي هو أشد تحريماً.

▫️قال برهان الدين الحنفي - رحمه الله - في  " بداية المبتدي " (ص 222) : وَلَا يحل لَهُ أَن يمس وَجههَا وَلَا كفيها ، وَإِن كَانَ يَأْمَن الشَّهْوَة " انتهى .

▫️وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إني أحذر إخواني القراء من أن يضعوا أيديهم على أي موضع من بدن المرأة ، لا مباشرة ولا من وراء حائل ، وإذا أراد الله في قراءتهم خيرا : حصل بدون لمس " انتهى من " فتاوى نور على الدرب" (22/ 2) بترقيم الشاملة .

🖋️ قلت : وبالجملة هناك أمور حاصلة مشاهدة وواقعية في مجال الرقية الشرعية ، و ينبغي عدم التغافل عنها و تجاهلها ، بل ينبغي الإستقصاء عنها و معاينتها و التحري عنها  . 

▫️وهي لا تخفى على الرقاة أهل الخبرة المنقطعين لهذا العمل ، فهم يعايشونها بشكل شبه يومي .

▫️وقد يجهلها كثير من العلماء والفقهاء الذين يحرمون لمس المرأة جملةً وتفصيلاً من دون إستثناء ، لأنهم يسقطون الحكم من حيث الأصل المُسلم به ويفتون بحسب ما توفر عندهم من أدلة بشكل عام ، وبحسب السؤال الذي وجهه لهم ، و كثير منهم يجهل طبيعة بعض هذه الأمراض وأعراضها قبل وأثناء الرقية وبعدها ، وبالتالي يجهلون طريقة التعاطي والتعامل معها أثناء الرقية وإن كانوا علماء وفقهاء إلا أن هذا المجال ليس مجالهم . 

▫️ومعلوم عند أهل الخبرة أن الحالات المصابة بالأمراض الروحية تتفاوت في تفاعلها وتأثرها وتجاوبها مع الرقية وتتباين في ردات فعلها ، وذلك بحسب نوع المرض وسببه ومدته ونوع الشيطان الملتبس بالمريضة . 

▫️والأصل هو أن يتقيد الراقي ويتحرى الضوابط الشرعية في طريقة رقييه للمرأة ، وأن يكتفي بالرقية على النساء عند بُعد ، ويقتصر على الإماء والإشارة إليهن ، مع إلزامهن بالحجاب الشرعي دون خلوة وبحضور المحرم . 

       

✳️ إلا أن الراقي حتماً قد يضطر ويلجأ للمس المرأة من وراء حائل عند الضرورة ، عند تعامله مع  الحالات المستعصية كالآتي :

🔹 كأن ينقذ حياة مريضة تعرضت لخنق الشيطان أثناء الرقية لها بغية قتلها.

🔹أو عندما يدخلها الشيطان في حالة أغماء أو غيبوبة عميقة، وتعذر على الراقي إفاقتها بالرقية . 

🔹أو عندما يقوم الشيطان بسد مجراها التنفسي أو بضغطه على على قلبها . 

🔹 أو عندما يتمركز الشيطان في رأسها ويتسبب لها بصداع شديد أو دوخة . 

🔹 أو عندما يصر على أن يبقى متحضراً متحكماً بجسدها ولسانها وحواسها ويرفض النزول . 

🔹أو عندما يتسبب لها بشلل كامل أو جزئي .  

🔹 وعندما يتسبب بالعمى أو البكم  أو النزيف الشديد . 

 🔹 أو عندما يتمرد الشيطان أثناء الرقية ويتجاوز الحد ويقوم بالإعتداء على الراقي أو المرافقين لها . 

🔹 و عندما يعزم على الهرب أو إيذاء المريضة بضرب رأسها وخلع ملابسها. 

   إلى غير ذلك من الأمور التي قد تحدث  بالفعل عند كثير منهن وتتكرر بين يدي الرقاة .

🔘 وعندما يقف محرم المريضة عاجزاً ومذهولاً أمام الحالة ، لعدم خبرته ، وعندما لا توجد إمرأة مؤهلة لها خبرة في التعاطي مع هكذا حالات ، و تقوم مقام الراقي في ذلك الوقت ، جينها ينبغي على الراقي التدخل بحكم خبرته وجدارته . 

🔘ولا ينكر وجود تلك الأعراض التغيرات والتفاعلات خلال الرقية، إلا جاهل أو مجادل مكابر أو متحامل أو قليل خبرة  ..‼️ 

🔘وعليه فإن الراقي قد يضطر من باب الضرورة الملحة ، التي تقدر بقدرها ، من باب الإستطباب ورفع الضرر مع القدرة ( قياساً على مايحل للطبيب فعله بحسب تقديره للضرورة مع المرأة الأجنبية ). 

🔘لأن يقوم بفعل شي للتعامل مع هكذا أعراض كالخنق أو الضغط أو الضرب على موضع الألم ، ومن المجرب أن ذلك قد ينفع بأذن الله وقد ينقذ حياة أمرأة أو يعيد لها وعيها أو عقلها أو أنقاذ ما يمكن أنقاذه من أعضاءها . 

🔘ويشترط لفعل ذلك أن يكون الراقي مؤهلاً ومشهود له بالأمانة في دينه وخلقه وكفاءتة وخبرتة وتمكنه. 

✳️إلا أننا للإسف نرى بعض الرقاة في ذلك بين إفراط وتفريط. 

🔹فمنهم لقناعته بالحكم الشرعي المحرم للمس المرأة بالمطلق ، أو لعجزه وجهله بالطريقة الناجعة لرفع الضرر ولقلة خبرته وعدم إستطاعته التعاطي مثل مع ما ذكرنا من الحالات ، نجد كثير من الحالات تخرج من بعد جلسته وهي في حالة تحضر كامل للشيطان ، أو في حالة غيبوبة أو صداع أو دوخة أو شلل آني . 

🔹 وفي المقابل نرى بعض المتشدقين بالحكم الشرعي والمتجاهلين للقواعد الشرعية والجهلة بهذه الأمراض ، يوزعون الإفتراءات والتهم ، ويطعنون في دين الرقاة ويشككون في نياتهم ومقاصدهم بالحملة ، دون تفريق بين يقوم بذلك العمل  من باب الضرورة الملحة وعند الضرورة ، وبين المفتون أو المتساهل والمتهاون بالحكم الشرعي . 

🔹وفي المقابل نرى كثير من المتسلقين على هذا العلم ممن أمتهنوه و تصدروا له من غير إجازةٍ أو علم شرعي ولا بصيرة ولا تقوى ولا ورع ولا مراعاة للحلال والحرام أو للمصلحة من المفسدة ، قد تمادوا وتأولوا لأنفسهم التأويلات ، وفتحوا الباب على مصراعيه ، وأصبحت عندهم مسألة لمس النساء من المباحات بالمطلق عن هوى ، أو تأويل ، فأفسدوا وأضروا وأساءوا وشوهوا سمعة الرقية الشرعية والرقاة بصورةٍ عامة .

والله المستعان وهو أعلى و أعلم

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

كتبه / عارف بن محمد الشميري 

             مدير مركز الإستشفاء

    بالقرآن الكريم والرقى الشرعية 

                 اليمن - صنعاء