ضبابٌ بقطرِ الساجماتِ مشبّعُ
يغطي المدى والليل أليل يُجزعُ
على معبرٍ صعب المراسة ناحلٍ
يشقُ صدور الراسخاتِ ويُقلعُ
بكانونَ حيثُ البردُ يبسط عرشه
صقيعا وحول النار كلّ مجمّعُ
وجوّ يزيدُ الضارياتِ توحّشا
لها من نيوبٍ قاطعاتٍ تفجّعُ
***
مضى عابرا ركْبُ الحبيبين واثقا
بحافلةٍ تطوي الدروبَ وتسرعُ
تشقُ ثياب الليل في جبروتها
وتثقبُ أمشاج الضباب تُقطّعُ
ينادمُ حِبٌ خِلّه بتوددٍ
على نغمٍ عذب المسامع يُمتعُ
فتنصتُ آذان الظلام وتنتشي
ضلوع المدى ودّا فلا تتوجعُ
تمنّى بقاءً للوداد مشعشعا
ليبقى بدفء العاشقين يُمتّعُ
على أملٍ أنْ لا يُفرّقَ بينهم
مصابٌ جليلٌ قاهرٌ وملّوِعُ
وصلى طويلا للسماء توجّسا
على أنّ أفخاخ الطبيعة تخدعُ
****
عدا فجأة وسْط الطريق مروّعا
كليبٌ على ضوء المنارة يُدفعُ
وكان لجام الركْبِ أمرا معسّرا
وصعبٌ على السوّاق قتلٌ مشنّعُ !!
تنحّى عن الدعس اللعين بمنحنى
خطيرٍ به زلّت دواليبُ أربعُ
أصيبتْ على لطمٍ ورجٍّ بصخرةٍ
تحدّت صلاة الليل فقْدا يُروّعُ
صدامٌ على الجنبِ اليمين مجلجلٌ
يُكسّرُ أضلاع الزجاج ويصدعُ
لتمشي نصال الغدر نحو خليله
وتنزل بالأحشاء عجلى توزّعُ !!!
****
تشقْلبت الأقدار ذات كريهة
تشَقْلبَ وقتٌ في المسرّة يخدعُ
نزيفٌ وأناتُ الفجيعة صُعّدتْ
كنائحةٍ طفلا تحنُّ وترضعُ
محاطا ببردٍ في الهزيع وعاجزا
عن الغوث في ليلٍ غريبٍ يُفزّعُ
وهاتفه في الضيق صحبة خائنٍ
فلا رادحٌ خِلا ولا الموت يدفعُ
عواءٌ ونخرُ العاصفات وحيرة
وصوت الكلاب الضاريات ملعلعُ
كأنّ على قُداس ذبحٍ ضحيّة
ومن حولها الكهّان للذبح جُمّعوا
****
السوّاق المحب:
أ في ذبح من أهوى شواءٌ ومرقصٌ
على عزف أوجاع الفؤاد مشّرعُ
إلهي : حياتي كالسرابِ إذا انطفت
نجومٌ على عمري تشعُ وتلمعُ
كياني بلا شمس الحبيب مفرّغٌ
وجودٌ على سطح الكواكب بلقعُ
(تُسارع في نزع الزجاج أناملٌ
بنافورة الدمّ الكثيف تُنقّعُ)
وتجرحُ كفيها سِنانٌ لئيمةٌ
وتبقى لأنصال الشظايا تُقلّعُ
يُقطّع في ليل الصقيع قميصه
يُضمّدُ صدرا للحبيب يوّجعُ
فنادت رياحٌ : مالجسمك راجفا؟
أتهلك محموما وخِلّك يُصرعُ !!؟
****
السوّق المحب:
ألا تعلم الريح الجهول بأنني
أقطّعُ قلبي لو بقلبي يُرّجعُ !!
وكم يفتدي القلبُ الأحبّةَ راغبا
ولكنّها الأيام للوصلِ تقطعُ
وهل قيمة الأيام إلّا محبّة
تشّعُ بأعماق النفوس وتسطعُ
كراما خُلقنا والوفاء ركيزة
على أنّ لؤمَ الحادثاتِ يضعضعُ
فما بردك الطعّان كالسيف هامتي
ولكنْ فراقٌ بعد وصلٍ سيقطعُ
***
(يُلامسُ والتحنان ملءَ أصابعٍ
أضالعَ من يهوى حزينا يُلوّعُ
فتخرج أصواتٌ كأنّ أنينها
تقاسيمُ نايٍ بالعرا يتوجّعُ )
***
الحبيب المُصاب:
حبيبي ...(وتنهيدٌ بقلبٍ معذّبٍ
بصوتٍ ضعيفٍ لا يكادُ يُسمّعُ !!)
سأمضي حبيبي ضُمّني منك روّني
ومالخلد إلّا حين فيك أمتّعُ
وماالروض إلّا قبلةٌ في عبيرها
وباقةُ محبوبٍ بوصلٍ تُجمّعُ !!
***
السواق المحب :
وماقيمة الإنسان دون قرينه ؟
وماقيمة الأشياء حين توزّعُ !!؟
مضينا معا في النائبات وفي الهنا
فكيف جذوري من تُرابك تُقلعُ ؟؟
***
(لقد ضمّه نفسا وجسما ببرزخٍ
سواحله موتٌ ونبضٌ ملوّعُ
وسالت دماءٌ قانياتٌ كأنّها
غمائمُ تروي عشبه لا يبلقعُ
كأنّ الدماء النازفات عشيقةٌ
جرى ماؤها بين المسام يُوزّعُ
روَتْ وارتوت حتى احتواه برعشةٍ
وخالطه شوقٌ عنيفٌ مجوّعُ
وخالطها ثغرٌ يودّعُ حبّه
يُقلّبُ أشواقَ الحقول ويزرعُ
السواق المحب:
سأقضي حياتي إنْ فقدتك راجما
أنايَ التي زاغت بليلٍ تُفجِّعُ
المحب المصاب:
إذا جاء ميقاتٌ فلا بدّ واقعا
وهل من شِراك الموت نفسٌ ستمنعُ !!؟
سأمضي لميقاتي وحبّك حجّتي
(وأضربُ عنك الذكر صفحا) فتهجعُ
فما كلّ من خاض الأذيّة مذنبا
وماكلّ من شاء النصيحة يُقنعُ
فقبّل شفاهي الباردات لعلّها
تُروّى بريّاك اللذيذ وتشبعُ ....
0 تعليق على موضوع : (سفر قاتل) د/ريم سليمان الخش.. حوارية غنائية بين محبين على سفر
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات