هل يقع طلاق المسحور ....؟!

🔹المسحور بسحر تفريق الأزواج

يعيش في شتات ذهني وفكري وحالة نفسية مأساوية شديدة الصعوبة لا يعلم مداها إلا الله ثم كل من مر بهذه المعاناة وذاق مرارته ورأي أعراضه ، وكل خبير بهذه الأمراض وبأثرها البالغ ، فالمريض بسحر التفريق يرى خيالات وأوهام وتساوره شكوك وظنون كبيرة تتعلق بالشرف والأمانة ، ويتملكه الشعور بالخيانة والمؤامرة ، وينفعل لدرجة غير معقولة تماماً من أدنى شي ويعظم ويكبر المسائل وقد يختلق المشاكل بسبب ذلك ، ويبحث عن العيوب والأعذار بدون شعور ، فيدفعه شيطان السحر في مرحلة ضعف إلى الهيجان والغضب والانفعال ، حتى يدخل في حالة اللاوعي على الغالب ، حين يتلبسه بشكل كلي أو جزئي ، ويسيطر على حواسه ، بحيث يتكلم ويتصرف لا إرادياً وقد يُطلق زوجته عدة مرات ويسب ويشتم ويقدح في الشرف وقد يضرب ضرباً مبرحاً ، وهو في حالة اللاوعي ، أو أنه يعي كل مايحدث ولكنه يتصرف لا إرادياً فيتكلم الشيطان على لسانه ويستخدم يديه وما إلى ذلك ..‼️

✳️ وهذا الأمر لايدركه ولا يفهمه كثيراً من الزوجات أو أهاليهن أو أهله والمحيطين به ، وكذا القضاة في المحاكم عند التقاضي للفصل بينهم ، وكذلك كثيراً من العلماء والفقهاء عندما يستفتون في مسائل الطلاق والخلع ، فمعظهم يجهل هذه الأمراض وأعراضها ومئالاتها ومدى تأثيرها على عقول وطبائع وأخلاق المسحورين، ومعظهم يستبعد تماماً مسألة التدخل الشيطاني وتأثير السحر في كثير من مسائل الطلاق، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث والتتبع والتقصي عن حياة هولاء الأزواج وعن سبب تغير حالهم وطباعهم للحد من حالات الطلاق وتشتيت الأسر ..!!

✳️ وبالتالي يصدرون أحكامهم أو فتواهم على الزوج بصورة مستعجلة بناء على أحكام الشريعة الإسلامية دون البحث عن الإعتبارات والأعذار الأخرى التي قد تعذر الزوج شرعاً..‼️

🔘 فيعتمدون في فتواهم وحكمهم على الظاهر من خلال الأقوال والأفعال والمشاكل الحاصلة التي تصدر من الزوج أو الزوجة ، دون أن يتركوا تبريرات أو احتمالات أو مخارج ، ومن دون أن يسألوا عن حالة وطبيعة المريض السابقة وعن أسباب التغير في شخصية الزوج وأنتكاس طبيعته وتصرفاته وتغير أخلاقه ، ودون أن يحيلوه لأهل الاختصاص والخبرة والدراية بأعراض هذه الأمراض لتقدير حالته بالتشخيص السليم قبل الحكم عليه ..!!

✳️ الا إذا تظلم صاحب الشأن عند يعود إلى وعيه ، وأدعى أنه غير طبيعي وأن تصرفاته خارج إرادته ، وهذا نادراً مايحدث لأن السحر يمنعه من الدفاع عن نفسه وعن تتبع القضية لمرر السحر ويصل به إلى الهدف منه.. ‼️

🔹ولذلك نجد بإن المتظلمين قله وهولاء قد يحيلهم بعض القضاة والمفتين على إستحياء في بعض البلدان علينا كرقاة لتشخيص حالتهم وأفادتهم بها ، والا فإن أكثر المرضى يحاولون على الطب النفسي مستبعدين الأذية الروحية والسحر ، وكأنه لم يمر عليهم قوله تعالى :{ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} البقرة( 102) .. ‼️

❎ وكم من مسحور فقد زوجته التي كان يعشقها إلى الأبد في ساعة هيجان أعراض السحر ، وأعان السحر عليه قضاه أو علماء أو فقهاء لم يفهموا أو يتفهموا أنهم قد يكونون ممن رفع عنهم القلم بفعل جنون سحر التفريق ، فكانوا سبباً في إعانة حسادهم الذين عملوا لهم السحر والشياطين المتسلطة عليهم 

.. والله المستعان .

🔹قال الشيخ / محمد بن صالح المنجد حفظه الله :

يشترط في وقوع الطلاق أن يكون الزوج عاقلاً مختاراً ، فإن كان غير عاقل ، أو كان مكرهاً فلا يقع طلاقه .

 

 وقال الرحيباني رحمه الله : " (أجمع المسلمون على أن من زال عقله بغير سكر محرم كالنوم والإغماء والجنون وشرب الدواء المزيل للعقل والمرض; لا يقع طلاقه...)

انتهى من "مطالب أولي النهى" (5/322)

وعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ) رواه أحمد (25156) وابن ماجة (2036) وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجة (1/348)

   قال ابن القيم رحمه الله : قال شيخنا ابن تيمية : والإغلاق انسداد باب العلم والقصد عليه ، يدخل فيه طلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما يقول ؛ لأن كلاً من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد ، والطلاق إنما يقع من قاصدٍ له ، عالم به)انتهى من "حاشية السنن" (6/187) .

  

   وبناء على هذا ؛ فإذا كان هذا الزوج المسحور قد أثر السحر على عقله بحيث صار كالمجنون فلا يقع طلاقه ، وكذلك إذا لم يصل السحر إلى هذا الحد ، ولكنه أثر على اختياره وإرادته فلا يقع طلاقه ، لأنه يشبه طلاق المكرَه .

أما إذا كان السحر لم يؤثر على عقله ولا على اختياره وإرادته فطلاقه واقع .

وقد سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : هل يقع طلاق المسحور أم لا ؟

فأجاب : "إذا غلب السحر على العقل وألحق المسحور بالمجانين لم يقع طلاقه ؛ لأن الطلاق يشترط له العزم لقوله تعالى: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ) وفاقد العقل ليس له عزم ولا نية .

فأما إن كان الطلاق مع الفهم والعلم بآثار الطلاق وما يسببه من الفرقة ، فإنه يقع . 

  لكن إن عمل السحر في صرفه عن زوجته وإيقاع الكراهة بينهما ولم يجد الراحة إلا في الطلاق ، على حد قوله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)؛ فالظاهر أنه لا يقع ، لأنه مغلوب على أمره . والله أعلم" انتهى .

والله أعلم

كتبه / عارف_بن_محمد_الشميري